فصل: الخبر عن الدولة الثانية لبي يفرن بسلا من المغرب الأقصى وأولية ذلك وتصاريفه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن الدولة الأولى لبني يفرن بالمغرب الأوسط والأقصى ومبادىء أمورهم ومصايرها:

كان لبني يفرن من زناتة بطون كثيرة وكانوا متفرقين بالمواطن فكان منهم بأفريقية بنو واركوا ومر نجيصة وغيرهم كما قدمناه وكان منهم بنواحي تلمسان ما بينها وبين تاهرت أمم كثير عددهم وهم الذين اختطوا مدينة تلمسان كما نذكره بعد ومنهم أبو قرة المنتزي بتلك الناحية لأول الدولة العباسية وهو الذي حاصر عمر بن حفص بطبنة كما تقدم ولما انقرض أمر أبي يزيد وأثخن المنصور فيمن كان بأفريقية من بنى يفرن أقام هؤلاء الذين كانوا بنواحي تلمسان على وفودهم وكان رئيسهم لعهد أبي يزيد محمد بن صالح ولما تولى المنصور محمد بن خزر وقومه مغراوة وكان بينه وبين بني يفرن هؤلاء فتنة هلك فيها محمد بن صالح على يد عبد الله بن بكار من بني يفرن كان متحيزا إلى مغراوة وولي أمره في بني بفرن من بعده ابنه يعلى فعظم صيته واختط مدينة إفكان.
ولما خطب عبد الرحمن الناصر طاعة الأموية من زناتة أهل العدوة واستألف ملوكهم سارع يعلى لإجابته واجتمع عليها مع الخير بن محمد بن خزر وقومه مغراوة وأجلب على وهران فملكها سنة ثلاث وأربعين وثلثمائة من يد محمد بن عون وكان ولاه عليها صولات اللميطي أحد رجالات كتامة سنة ثمان وتسعين ومائتين فدخلها يعلى عنوة على بنيه وخربها وكان يعلى قد زحف مع الخير بن محمد إلى تاهرت وبرز الله ميسور الخصي في شيعته من لماية فهزموهم وملكوا تاهرت وتقبض على ميسور وعبد الله بن بكار فبعث به الخير إلى يعلى بن محمد ليثأر به فلم يرضه كفؤا لدمه ودفعه إلى من ثأر به من بنى يفرن واستفحل سلطان يعلى في ناحية المغرب وخطب على منابرها لعبد الرحمن الناصر ما بين تاهرت إلى طنجة واستدعى من الناصر تولية رجال بينه على أمصار المغرب فعقد على فاس لمحمد بن الخير بن محمد بن عشيرة ونسك محمد لسنة من ولايته واستأذن في الجهاد والرباط بالأندلس فأجاز لذلك واستخلف على عمله ابن عمه أحمد بن أبي بكر بن أحمد بن عثمان بن سعيد وهو الذي اختط مأذنة القرويين سنة أربع وأربعين وثلثمائة كما ذكرناه ولم يزل سلطان يعلى بن محمد بالمغرب عظيما إلى أن أغزى بعد المعز لدين الله كاتبه جوهر الصقلي من القيروان إلى المغرب سنة سبع وأربعين وثلثمائة فلما فصل جوهر بالجنود بادر أمير زناتة بالمغرب يعلى بن محمد اليفرني إلى لقائه والإذعان لطاعته والانحياش إليه ونبذ عهد الأموية وأعمل إلى لقيه الرحلة من بلده إيفكان وأعطاه يد الانقياد وعهد البيعة عن قومه بنى يفرن وزناتة فتقبلها جوهر وأضمر الفتك به وتخير لذلك يوم فصوله من بلده وأسر إلى بعض مستخلصيه من الاتباع فأوقعوا نفرة في أعقاب العسكر طار إليها الزعماء من كتامة وصنهاجة وزناتة وتقبض على يعلى فهلك في وطيس تلك الهيعة فغض بالرماح على أيدي رجالات كتامة وصنهاجة وذهب دمه هدرا في القبائل وخرب جوهر مدينة إيفكان وفرت زناتة أمامه وكشف القناع في مطالبتهم.
وقد ذكر بعض المؤرخين أن يعلى إنما لقي جوهرا عند منصرفه من الغزاة بمدينة تاهرت وهنالك كان فتكه به بناحية شلف فتفرقت بعدها جماعة بنى يفرن وذهب ملكهم فلم يجتمعوا إلا بعد حين على ابنه بدوي بالمغرب كما نذكر ولحق الكثير منهم بالأندلس كما يأتي خبرهم في موضعه وانقرضت دولة بنى يفرن هؤلاء إلى أن عادت بعد مدة على يد يعلى بفاس ثم استقرت آخرا بسلا وتعاقب فيهم هنالك إلى آخرها كما نذكره إن شاء الله تع إلى.

.الخبر عن الدولة الثانية لبي يفرن بسلا من المغرب الأقصى وأولية ذلك وتصاريفه:

لما أوقع جوهر الكاتب قائد المعز بيعلى بن محمد أمير بنى يفرن وملك المغرب سنة سبع وأربعين وثلثمائة كما ذكرنا وتفرقت جموع بنى يفرن لحق ابنه بدوي بن يعلى بالمغرب الأقصى وأحس بجوهر من ورائه فأبعد المفر وأصحر إلى أن رجع جوهر من المغرب ويقال إن جوهرا تقبض عليه واحتمله أسيرا فاعتقل إلى أن في من معتقله بعد حين واجتمع عليه قومه من بني يفرن وكان جوهر عند منصرفه من المغرب ولى على الأدارسة المتحيزين إلى الريف وبلاد غمارة الحسن بن كنون شيخ بني محمد منهم فنزل وأجاز الحكم المستنصر لأول ولايته سنة خمس وثلثمائة وزيره محمد بن قاسم بن طملس في العساكر لتدويخ المغرب واقتلاع جرثومة الأدارسة فأجاز في العساكر وغلبهم على بلادهم وأزعجهم جميعا عن المغرب إلى الأندلس سنة خمس وستين وثلثمائة كما ذكرناه ومهد دعوة الأموية بالمغرب وأقفل الحكم مولاه غالبا ورده إلى الثغر لسده وعقد على المغرب ليحيى بن محمد بن هاشم التجيبي صاحب الثغر الأعلى وكان أجازه مددا لغالب في رجال العرب وجند الثغور حتى إذا انغمس الحكم في علة الفالج وركدت ريح المروانية بالمغرب واحتاجت الدولة إلى رجالها لسد الثغور ودفاع العدو استدعى يحيى بن محمد بن هاشم من العدوة واداله الحاجب المصحغي بجعفر بن علي بن حمدون أمير الزاب والمسيلة النازع إليهم من دعوة الشيعة وجمعوا بين الانتفاع به في العدوة والراحة مما يتوقع منه على الدولة ومن البرابرة في التياث الخلافة لما كانوا أصاروا إليه من النكبة وطوقوه من المحنة ولما كان اجتمع بقرطبة من جموع البرابرة فعقدوا له ولأخيه يحيى على المغرب وخلعوا عليهما وأمكنوهما من مال دثروكسي فاخرة للخلع على ملوك العدوة فنهض جعفر إلى المغرب سنة خمس وستين وثلثمائة وضبطه واجتمع إليه ملوك زناتة مثل بدوي بن يعلى أمير بني يفرن وابن عمه نوبخت بن عبد الله بن بكار ومحمد بن الخير بن خزر وابن عمه بكساس بن سيد الناس وزيري بن خزر وزيري ومقاتل ابنا عطية بن تبادها وخزرون بن محمد وفلفول بن سعيد أمير مغراوة وإسماعيل بن البوري أمير مكناسة ومحمد ابن عمه عبد الله بن مدين وخزرون بن محمد الازداجي وكان بدوي بن يعلى من أشدهم قوة وأحسنهم طاعة ولما هلك الحكم وولي مكانه هشام المؤيد وانفرد محمد بن أبى عامر بحجابته اقتصر من العدوة لأول قيامه على مدينة سبتة فضبطها بجند السلطان ورجال الدولة وقلدها الصنائع من أرباب السيوف والأقلام وعول في ضبط ما وراء ذلك على ملوك زناتة وتعهدهم بالجوائز والخلع وصار إلى إكرام وفودهم وإثبات من رغب في الإثبات في ديوان السلطان منهم فجددوا في ولاية الدولة وبث الدعوة.
وفسد ما بين أمير العدوة جعفر بن على وأخيه يحيى واقتطع يحيى مدينة البصرة لنفسه وذهب بأكثر الرجال ثم كانت على جعفر النكبة التي نكبه برغواطة في غزاتة إياهم واستدعاه محمد بن أبي عامر لأول أمره لما رآه من استقامته إليه وشد أزره وتلوى عليه كراهية لما يلقى بالأندلس من الحكم ثم أصلحه وتخلى لأخيه عن عمل المغرب وأجاز البحر إلى ابن أبي عامر فحل منه بالمكان الأثير وتنازعت زناتة في التزلف إلى الدولة بقرب الطاعات فزحف خزرون بن فلفول سنة ست وستين وثلثمائة إلى مدينة سجلماسة فاقتحمها ومحى دولة آل مدرار منها وعقد له المنصور عليها كما ذكرنا ذلك قبل.
وزحف عقب هذا الفتح بلكين بن زيري قائد أفريقية للشيعة إلى المغرب سنة تسع وستين وثلثمائة زحفه المشهور وخرج محمد بن أبي عامر من قرطبة إلى الجزيرة لمدافعته بنفسه واحتمل من بيت المال مائة حمل ومن العساكر ما لا يحص عده وأجاز جعفر بن علي بن حمدون إلى سبتة وانضمت إليه ملوك زناتة ورجع بلكين عنهم إلى غزو برغواطة إلى أن هلك سنة ثلاث وسبعين وثلثمائة كما ذكرناه.
ورجع جعفر إلى مكانه من ابن أبي عامر لم يسمح بمقامه عنه ووصل حسن بن كنون خلال ذلك من القاهرة بكتاب العزيز نزار بن معد إلى بلكين صاحب أفريقية في إعانته إلى ملك المغرب وإمداده بالمال والعساكر فأمضاه بلكين لسبيله وأعطاه مالا ووعده بإضعافه ونهض إلى المغرب فوجد طاعة المروانية قد استحكت فيه وهلك بلكين أثر ذلك وشغل ابنه المنصور عن شأنه فدعا لحسن بن كنون إلى نفسه وأنفذ أبو محمد بن أبي عامر ابن عمه محمد بن عبد الله ويلقب عسكلاجة لحربه سنة خمس وسبعين وثلثمائة وجاء أثره إلى الجزيرة كيما يشارف القصة وأحيط بالحسن بن كنون فسأل الأمان وعقد له مقارعه عمر وعسكلاجة وأشخصه إلى الحضرة فلم يمض ابن أبي عامر أمامه ورأى أن لا ذمة له لكثرة نكثة فبعث من ثقاته من أتاه برأسه وانقرض أمر الأدارسة وانمحى أثرهم فأغضب عمر وعسكلاجة لذلك واستراح إلى الجند بأقوال نميت عنه إلى المنصور فاستدعاه من العدوة وألحقه بمقتوله ابن كنون وعقد على العدوة للوزير حسن بن أحمد بن عبد الودود السلمي واكثف عدده وأطلق في المال يده ونفذ إلى عمله سنة ست وسبعين وثلثمائة فضبط المغرب أحسن ضبط وهابته البرابرة ونزل فاس من العدوة فعز سلطانه وكثر جمعه وانضم إليه ملوك النواحي حتى حذر ابن أبي عامر مغبة استقلاله واستدعاه ليبلو صحة طاعته فأسرع اللحاق به فضاعف تكرمته وأعاده إلى عمله وكان بدوي بن يعلى هذا من بين ملوك زناتة كثير الاضطراب على الأموية والمراوغة لهم بالطاعة وكان لمنصور بن أبي عامر يضرب بينه وبين قرينه زيري بن عطية ويقرن كلا منهما بمناغاة صاحبه في الاستقامة وكان إلى زيري أميل وبطاعته أوثق لخلوصه وصدق طويته وانحياشه فكان يرجو أن يتمكن من قياد بدوي بن يعلى بمناغاته فاستدعى بزيري بن عطية إلى الحضرة سنة سبع وسبعين وثلثمائة فبادر إلى القدوم عليه وتلقاه وأكبر موصله وأحسن مقامه ومنقلبه وأعظم جائزته وسام بدوي مثلها فامتنع وقال لرسوله: قل لابن أبي عامر متى عهد حمر الوحش تنقاد للبيطارة وأرسل عنانه في العيث والفساد ونهض إليه صاحب المغرب الوزير حسن بن عبد الودود في عساكره وجموعه من جند الأندلس وملوك العدوة مظاهرا عليه لعدوة زيري بن عطية وجمع لهم بدوي ولقيهم سنة إحدى وثمانين وثلثمائة فكان الظهور له وانهزم عسكر السلطان وجموع مغراوة واستلحموا وجرح الوزير حسن بن عبد الودود جراحات كان فيها لليال مهلكه وطار الخبر إلى ابن أبي عامر فاغتنم لذلك وكتب إلى زيري بضبط فاس ومكاتبة أصحاب حسن وعقد له على المغرب كما نستوفي ذكره عند ذكر دولتهم وغالبه بدوي عليها مرة بعد أخرى ونزع أبو البهار بن زيري بن مناد الصنهاجي عن قومه ولحق بسواحل تلمسان ناقضا لطاعة الشيعة وخارجا على أخيه المنصور بن بلكين صاحب القيروان وخاطب ابن أبي عامر من وراء البحر وأوفد عليه ابن أخيه ووجوه قومه فسرب إليه الأموال والصلاة بفاس مع زيري حسبما نذكره وجمع أيديهما على مدافعة بدوي فساء أمره فيهما جميعا إلى أن راجع أبو البهار ولاية منصور ابن أخيه كما نذكر بعد وحاربه زيري فكان له الظهور عليه ولحق أبو البهار بسبتة ثم عاد إلى قومه واستفحل زيري من بعد ذلك وكانت بينه وبين بدوي وقعة اكتسح زيري من ماله ومعسكر مالا كفؤ له وسبى حرمه واستلحم من قومه زهاء ثلاثة آلاف فارس وخرج إلى الصحراء شريدا سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة وهلك هناك فولي أمره في قومه حبوس ابن أخيه زيري بن يعلى ووثب به ابن عمه أبو يداس بن دوتاس فقتله طمعا في الرياسة من بعده واختلف عليه قومه فأخفق أمله وعبر البحر إلى الأندلس في جمع عظيم من قومه وولي أمر بنى يفرن من بعده حمامة بن زوي بن يعلى أخو حبوس المذكور فاستقام عليه أمر بنى يفرن وقد مر ذكره في خبر بدوي غير مرة وأنه كانت الحرب بينه وبين زيري بن عطية سجالا وكانا يتعاقبان ملك فاس بتناول الغلب وأنه لما وفد زيري على المنصور خالفه بدوي إلى فاس فملكها وقتل بها خلقا من مغراوة وأنه لما رجع زيري اعتصم بدوي بفاس فنازله زيري وهلك من مغراوة بني يفرن في ذلك الحصار خلق ثم اقتحمها زيري عليهم عنوة فقتله وبعث برأسه إلى سدة الخلافة بقرطبة سنة ثلاث وثمانين وثلثمائة والله أعلم.
ولما اجتمع بنو يفرن على حمامة تحيز بهم إلى ناحية شالة من المغرب فملكها وما إليها من تادلا واقتطعها من زيري ولم يزل عميد بنى يفرن في تلك العمالة والحرب بينه وبين زيري ومغراوة متصلة وكانت يبنه وبين المنصور صاحب القيروان مهاداة فأهدى إليه وهو محاصر لعمه حهاد بالقلعة سنة ست وأربعمائة وأوفد بهديته أخاه زاوي بن زيري فلقيه بالطبول والبنود ولما هلك حمامة قام بأمر بنى يفرن من بعده أخوه الأمير أبو الكمال تميم بن زيري بن يعلى فاستبد بملكهم وكان مستقيما في دينه مولعا بالجهاد فانصرف إلى جهاد برغواطة وسالم مغراوة وأعرض عن فتنتهم.
ولما كانت سنة أربع وعشرين وأربعمائة تجددت العداوة بين هذين الحيين بنى يفرن ومغراوة وثارت الإحن القديمة وزحف أبو الكمل صاحب شالة وتادلا وما إلى ذلك في جموع يفرن وبرز إليه حمامة بن المعز في قبائل مغراوة ودارت بينهم حروب شديدة وانكشفت مغراوة وفر حمامة إلى وجدة واستولى الأمير أبو الكمال تميم وقومه على فاس وغلبوا مغراوة على عمل المغرب واكتسح تميم اليهود بمدينة فاس واصطلم نعمهم واستباح حرمهم ثم احتشد حمامة من وجدة سائر قبائل مغراوة وزناتة وبعث الحاشدين في قياطينهم لجميع بلاد المغرب الأوسط ووصل إلى تنس صريخا لزعمائهم وكاتب من بعد عنه من رجالاتهم وزحف إلى فاس سنة تسع وعشرين وأربعمائة فأفرج عنها أبو الكمال تميم ولحق ببلده ومقر ملكه من شالة وأقام بمكان عمله وموطن إمارته منها إلى أن هلك سنة ست وأربعين وأربعمائة وولي ابنه حماد إلى أن هلك سنة تسع وأربعين وأربعمائة وولي بعده ابنه يوسف إلى أن توفي سنة ثمان وخمسين وأربعمائة فولى بعده عمه محمد ابن الأمير أبي تميم إلى أن هلك في حروب لمتونه حين غلبوهم على المغرب أجمع حسبما نذكره والملك لله يؤتيه من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
وأما أبو يداس بن دوناس قاتل حبوس بن زيري بن يعلى بن محمد فإنه لما اختلف عليه بنو يفرن وأخفق أمله في اجتماعهم له أجاز البحر إلى الأندلس سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة فرفعه إخوانه أبو قرة وأبو زيد وعطاف فحل كلهم من المنصور محل التكرمة والإيثار ونظمه في جملة الرؤساء والأمراء وأسنى له الجراية والأقطاع وأثبت رجاله في الديوان ومن أجاز من قومه فبعد صيته وعلا في الدولة كعبه.
ولما افترقت الجماعة وانتثر سلك الخلافة كان له في حروب البربر مع جند الأندلس آثار بعيدة وأخبار غريبة ولما ملك المستعين قرطبة سنة أربعمائة واجتمع إليه من كان بالأندلس من البرابرة لحق المهدي بالثغور واستجاش طاغية الجلالقة فزحف معه إلى غرناطة وخرج المستعين في جموعه من البرابرة إلى الساحل واتبعهم المهدي في جموعه فتواقعوا بوادي أيرة فكانت بين الفريقين جولة عظم بلاء البرابرة وطار لأبي يداس فيما ذكر وانهزم المهدي والطاغية وجموعهم بعد أن تضايقت المعركة وأصابت أبا يداس بن دوناس جراحة كان فيها مهلكه ودفن هناك وكان لابنه خلوف وحافده تميم بن خلوف من رجالات زناتة بالأندلس شجاعة ورياسة وكان يحيى بن عبد الرحمن ابن أخيه عطاف من رجالاتهم وكان له اختصاص ببني حمود ثم بالقاسم منهم ولاه كل قرطبة أيام خلافته والبقاء لله وحده.